وسم- يتابع مركز وسم الإقليمي موجة جفاف "قاسية" يتوقع أن تتعرض لها أجزاء واسعة من تونس والجزائر وغرب ليبيا نتيجة دورانية غير اعتيادية للغلاف الجوي، سيسبب تمركز مرتفع جوي قوي على تلك المناطق، ويمتد هذا المرتفع الجوي إلى نطاق واسع من جنوب أوروبا ووسطها على فترات ويؤدي إلى ارتفاع الحرارة وانخفاض حاد على معدلات الأمطار والتي يتوقع أن تتطور لأسوأ موجة جفاف قد تشهدها تلك المناطق.
وتعرف موجات الجفاف بانخفاض كبير على معدلات الأمطار لفترة زمنية طويلة مما يعرض المخزون المائي الطبيعي أو مستويات المياه عبر السدود إلى الانخفاض الحاد مع نقص حاد في رطوبة التربة، ويسبب ذلك تعرض الغطاء النباتي لتراجع حاد وزيادة مستوى الحرائق والتاثير على مختلف القطاعات.
وازدادت موجات الجفاف على منطقة المغرب العربي منذ موسم 2018-2019، وذلك بسبب دورانية الغلاف الجوي والظواهر المناخية الرئيسية، كما أصبحت هذه المناطق تسجل موجات حارة قاسية وقوية غير معتادة مقارنة مع السنوات السابقة مما تسبب في أسوأ حرائق غابات منذ فترة طويلة، مما اضطر الحكومة الجزائرية بإعلان موجة الجفاف وتطبيق القوانين للتعايش مع هذه الظاهرة الصعبة.
دورانية غير اعتيادية للغلاف الجوي..
ويعود سبب موجة الجفاف القاسية المتوقعة إلى عدة عوامل أهمها في مسار التيار النفاث شبه الاستوائي فوق منطقة غرب المتوسط والذي يسبب ضعف تأثر تلك المناطق بالحالات الجوية القوية، حيث لوحظ قوة التيار النفاث فوق الجزائر وايطاليا وجنوب ألمانيا نتيجة قوة العواصف الأطلسية خلال الفترة الأخيرة والتي تستمد قوتها من حرارة المحيط الأطلسي المرتفعة خاصة مع ارتفاع حرارة المسطحات المائية حول العالم لأسباب ما زال أغبلها مجهولا ونتيجة لاشتداد تأثير التغيرات المناخية.
ولوحظ تراجع في نشاط التيار النفاث فوق منطقة جزر الكناري والمغرب وأسبانيا وأقصى جنوب غرب القارة الأوروبية في بعض الفترات، مما يساهم في تشكل منخفضات جوية تعمل على دفع تيارات حارة جدا من عمق الصحاري الكبرى نحو منطقة الضغط الجوي المرتفع في جنوب أوروبا وغرب المتوسط، يسبب ذلك زيادة في متانة هذا المرتفع الجوي وقوته واستمرارية تأثيره، مع الأخذ بعين الاعتبار النشاط الاستوائي العالي المتوقع في منطقة بحر العرب والمحيط الهندي والصومال والذي يستبب بتفريغ طاقة حرارية عالية فوق مناطق شمال أفريقيا نتيجة لللدورانية التي تحدث للغلاف الجوي بين المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية والذي سيزيد من متانة هذا المرتفع الجوي خلال الفترة المقبلة.
ويسبب ذلك أيضا قوة الحالات الجوية وزيادة عدد المنخفضات الجوي نحو منطقة الشرق الأوسط والجزيرة العربية وبلاد الشام والأردن ومصر وشرق ليبيا نتيجة هذه الدورانية غير الاعتيادية للغلاف الجوي والتي يتوقع أن تشتد خلال السنوات المقبلة.
ظاهرة النينيو المناخية القوية..
وتسيطر ظاهرة النينيو المناخية القوية، والتي تسبب قوالب جوية غير اعتيادية في الغلاف الجوي مما يعكس اشتداد الدورانية غير الاعتيادية للغلاف الجوي، ويتوقع أن تشتد هذه الظاهرة وتصل إلى ذروة قوتها خلال نهاية العام وبداية العام الجديد، مما يعكس ظروف جوية متطرفة حول مختلف دول العالم.
وبالرغم من ذلك، فيتوقع أن تشهد تلك المناطق بعض الفترات الممطرة ولكنها قصيرة ومؤقتة وخاصة خلال النصف الثاني من الموسم المطري على أمل أن تخفف من حدة موجة الجفاف القاسية التي تؤثر على منطقة غرب المتوسط منذ فترة طويلة والتي يتوقع ان تصل إلى ذروة قوتها خلال الشهور المقبلة.
ويتوقع مركز وسم الإقليمي عبر نتائج النموذج المناخي عالي الدقة والوحيد من نوعه في المنطقة العربية أن تشهد منطقة غرب المتوسط فترات نشطة مؤقتة خاصة في الاسبوع الثاني والثالث من شهر 1 ، ولاحقا خلال شهر نيسان -2024 ونهاية الربيع، مع توقع حالات ممطرة مؤقتة ومتوسطة الشدة في الأسبوع الثاني من شهر 11، ويتوقع أن تشهد المنطقة شتاء دافئ وجاف جدا ودرجات حرارة مرتفعة ونسبة رطوبة متدنية تزيد من التبخر، كذلك فوارق حرارية كبيرة بين الليل والنهار والتي تزيد من فرصة حدوث الصقيع الإشعاعي الضار للقطاع الزراعي.
بينما تشهد المغرب وأسبانيا حالات جوية قوية على فترات متباعدة تسبب الفيضانات والسيول الشديدة خلال الموسم المطري بشكل عام مع فترات دافئة طويلة ومستقرة.