وسم – منخفض البحر الأحمر أو منطقة (RSCZ) وهي منطقة Red Sea Convergence Zone ، وهي المنطقة التي يحدث بها التقاء الرياح الشمالية الأقل الحرارة مع الرياح الجنوبية الأكثر رطوبة والمندفعة من الجنوب، هذا النظام المنخفض الجوي الحراري النوعي والذي يتعمق عموديا حتى ارتفاع 1500-2000 مترا ( فوق الطبقة الاحتكاكية من الجو) ، والذي يتسبب بحدوث حالات ممطرة شديدة خلال الموسم المطري في منطقة الشرق الأوسط.
لوحظ خلال السنوات الأخيرة اشتداد تأثيره خاصة على القطاع الغربي والجنوبي من السعودية وامتدادا نحو شمال السعودية والكويت والعراق والأردن وفلسطين، ووصولا إلى مصر، التأثير المتزايد على تلك المناطق ارتبط ارتباطا وثيقا في تنظيم غير اعتيادي للغلاف الجوي خلال السنوات الأخيرة والذي بدأ يأخذ مستوى شبه ثابت نتيجة مسار التيار النفاث شبه الاستوائي ضمن مسار أكثر ثباتا.
وفي هذه المقالة تم رصد التغيرات في نشاط منخفض البحر الأحمر منذ عام 2010 ولوحظ زيادة نشاطه خاصة شمال السعودية وغربها ومنطقة البحر الأحمر.
خصائص منخفض البحر الأحمر..
منخفض البحر الأحمر هو نوع من النظام الحراري الذي يتخذ منطقة البحر الأحمر الوسطى والجنوبية بالتحديد مركزا له من نهايات شهر سبتمبر إلى بدايات شهر يونيو، ويتغير موقعه على حسب درجات الحرارة منطقة البحر الأحمر وارتباطه بمنطقة جنوب شرق البحر المتوسط ودرجات الحرارة في المناطق المحيطة من الجزيرة العربية.
هذا النظام الحراري الذي يتشكل نتيجة الفرق بين درجات الحرارة في منطقة البحر الأحمر بالمناطق المحيطة الأكثر برودة والذي يمتد عموديا فوق الطبقات الاحتكاكية مقارنة مع الأنظمة الحرارية الأكثر تقليدية مثل منخفض الهند الموسمي الذي قد لا يتجاوز سمكاته العمودية حتى 500 مترا، وهنا يعكس تأثيره على النشاط الديناميكي والباروتروبيكي الذي يسببه أثناء الحالات الجوية.
يتمركز منخفض البحر الأحمر بالعادة ( منطقة RSCZ) خلال فصل الخريف نحو شمال الجزيرة العربية وغربها وشمال منطقة البحر الأحمر ووصولا إلى الأردن وفلسطين وشمال شرق مصر، وخلال فصل الشتاء يتحرك هذا المحور امتدادا من وسط القطاع الغربي حتى الكويت ومرورا بشمال وسط السعودية وشمال شرقها، هذا المحور يتزحزح نحو جنوب البحر الأحمر وجنوب السعودية ووسطها خلال فصل الربيع، وقد يتحد مع المراكز الفرعية لمنخفض الهند الموسمي خلال نهايات الربيع وبدايات فصل الخريف.
نظام منخفض البحر الأحمر يتحد مباشرة مع منطقة ITCZ التي تقع جنوب السودان وفوق خط الاستواء، أو بما يسمى المنخفض الحراري السوداني، والذي يكون مسؤولا في كثيرا من الأحيان على جذب الرياح التجارية من منطقة بحر العرب خلال الموسم المطري إلى منطقة البحر الأحمر وتعزيز مستويات الرطوبة.
يعتبر هذا النظام الجوي هو حلقة الوصل الأساسية للنفق الرطوبي المندفع من بحر العرب والمحيط الهندي ( المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية) ويتأثر كثيرا بالموجات الاستوائية التي تتحرك على طول خط الاستواء، ويتغير محور مركزه ونشاطه تبعا للموجات الاستوائية وطبيعة نشاط التيار النفاث شبه الاستوائي.
زيادة نشاط منخفض البحر الأحمر خلال السنوات الاخيرة..
ولوحظ زيادة نشاط منخفض البحر الأحمر خلال السنوات الأخيرة وبالتحديد منذ موسم 2014-2015، وارتبط ذلك بوضوح بارتفاع حرارة المسطحات المائية وبالتحديد غرب منطقة المحيط الهندي والبحر الاحمر وشرق البحر المتوسط، تساهم هذه المسطحات المائية على زيادة انخفاض الضغط الجوي بشكل أكثر وضوحا كونه نظام جوي حراري موسمي إلى شبه دائم.
المواقع التي لوحظ زيادة النشاط بها..
وتم رصد تعمق متزايد للنظام الجوي فوق جنوب السعودية ووصولا إلى وسط وشمال البحر الأحمر، وبشكل رئيسي وكبير فوق منطقة الجوف والأردن وشمال شرق مصر وجنوب شرق البحر المتوسط ( الأكثر تعمقا بين 2010 وحتى 2024) .
مراكز التعمق للنظام الجوي RSCZ تزايد بوضوح فوق جنوب السعودية وجنوب منطقة الرياض أيضا وبالقرب من الإمارات وسلطنة عمان، لوحظ ارتفاع في قيم الضغط الجوي فوق منطقة ال ITCZ جنوب السودان، وقد يعلل ذلك نتيجة نشاط المنخفضات القبرصية والمصرية المتزايدة خلال السنوات الأخيرة والناتجة من ارتفاع حرارة شرق البحر المتوسط، يؤدي ذلك إلى انكسار التيار النفاث بشكل مستمر ومتواصل فوق شرق المتوسط، مما يزيد من النشاط الديناميكي السالب نحو الأسفل نتيجة نشاط منطقة Convergence فوق شمال أفريقيا في الطبقات العليا من الجو وزيادة فرصة ارتفاع الضغط الجوي بسبب حركة التيارات العمودية نحو الأسفل.
المنخفضات الجوية المصرية والقبرصية..
ومع دراسة حالة 24-نوفمبر-2022 والتي سببت أسوأ موجة فيضانات في منطقة مكة المكرمة في السجلات المناخية الحديثة حيث قاربت كميات الأمطار حدود 300 ملم في مدينة جدة، ومع تعمق منطقة RSCZ بالتحديد فوق وسط القطاع الغربي ثم شمالا خاصة نحو شمال مصر وتبوك، وملاحظة بؤر المنخفض المصري الذي يتخذ مسار قريب من المنخفضات الجوية الخماسينية ولكنه يزداد تعمقا فوق جنوب شرق المتوسط وشمال البحر الأحمر، المنخفضات المصرية أو أي نظام منخفض جوي باروكلينيكي أو حركي يتسبب في نشاط الجبهات الباردة القوية والمتزامنة مع نشاط منخفض البحر الأحمر من الجنوب، عدم وجود هذه المنخفضات يعني أن فعالية منخفض البحر الأحمر ستبقى ضعيفة أو محدودة أو حتى منعدمة.
ترتبط منطقة RSCZ بشكل حاد مع المنخفضات المصرية والقبرصية وبنفس الوقت مع منخفضات شمال الجزيرة العربية الباروكلينكية التي تبدأ شرارة تشكلها من شرق مرتفعات تبوك بسبب ظاهرة Lee-low التي تعيق حركة الجبهات الباردة السطحية وتعزز من تشكل مراكز أخرى للمنخفضات الجوية ، هذه العائلة من المنخفضات الجوية الحركية أو الباروكلينيكية من أهم ما يزيد من فعالية منخفض البحر الأحمر، ويزداد فرصة تشكلها عند انحناء التيار النفاث شبه الاستوائي ودفع الأحواض الباردة عبر الطبقات العليا والوسطى من الجو والمحفزة لحالات عدم الاستقرار الجوي وتشكل هذه الأنظمة الجوية.
حرارة شرق البحر المتوسط المرتفعة خلال السنوات الأخيرة ساهمت في زيادة الفعالية الجوية كثيرا في منطقة وسط وشمال البحر الأحمر ومنطقة الجوف وتبوك والأردن وفلسطين وشمال شرق مصر عبر اشتداد نشاط منخفض البحر الأحمر الحراري ( RSCZ) .
ذروة نشاط منطقة RSCZ..
وتنشط هذه المنطقة بشكل أكثر فعالية مع بداية الموسم المطري خلال الخريف وتتركز نحو شمال السعودية والأردن مع احتفاظ هذه المسطحات المائية بحرارة الصيف ونسبة لارتفاعها مقارنة مع بداية انخفاض الحرارة أولا نحو منطقة شرق المتوسط وشمال السعودية، هذه الحركة تتحرك جنوبا تدريجيا كلما تعمقنا نحو الموسم المطري مع تدرج الحرارة الحاد.
ونتيجة لاختلاف الحرارة خلال الربيع فإن هذه المنطقة تتمركز في صحراء الربع الخالي وجنوب السعودية مما يرفع من فرصة الحالات القوية نحو وسط وجنوب السعودية، وارتفاع الحرارة عن معدلاتها الموسمية وسهولة انحناء التيار النفاث شبه الاستوائي نحو الجنوب أكثر زاد ذلك من قوتها، فكانت الذروات أكثر نشاطا من المعتاد وتسببت بمعدلات أمطار قياسية في كل من جنوب شرق الجزيرة العربية والإمارات ووسط القطاع الغربي من السعودية والأردن والكويت.
ظاهرة النينيو المناخية والمرتبطة مع قطبية خلية المحيط الهندي الإيجابية..
ومع تزايد ظواهر النينيو خلال السنوات الأخيرة وخاصة منذ موسم 2015 والذي شهد من أقوى ظواهر النينيو، تزامن ذلك مع نشاط ايجابية قطبية المحيط الهندي IOD التي تساهم في ارتفاع حرارة منطقة غرب المحيط الهندي وزيادة نشاط الموجات الاستوائية بشكل كبير خاصة التي تتواجد في وسط بحر العرب، والذي ارتبط بوضوح في انخفاض قيم الضغط الجوي السطحي عن معدلاتها في جنوب الجزيرة العربية بنفس التوقيت ومع حركة الرياح التجارية ومسار انخفاض الضغط الجوي حتى الأردن وشمال القطاع الغربي من السعودية.
الخلاصة..
ومع نهاية هذا التقرير لوحظ أن نشاط منخفض البحر الأحمر (RSCZ) ازداد بوضوح في منطقة جنوب السعودية ووسط القطاع الغربي وشماله وفي مناطق شرق البحر المتوسط والأردن بالدرجة الأولى، وكانت أكثر المناطق تاثرا هي منطقة مكة المكرمة والأردن وشمال شرق مصر ووسط السعودية والكويت والإمارات وسلطنة عمان، وازدادت الحالات الممطرة المتطرفة وزادت معدلات الأمطار في المنطقة.
- ارتفاع حرارة شرق المتوسط تسببت في زيادة نشاط المنخفضات الجوية المصرية والقبرصية والتي زادت من نشاط منخفض البحر الأحمر.
- ظواهر النينيو وارتبطاها بنشاط منطقة المحيط الهندي الايجابية IOD ، التي رفعت حرارة بحر العرب وزادت من تدفق الموجات الاستوائية نحو المنطقة.
- حالات السيول والفيضانات في وسط القطاع الغربي ارتبطت بالدرجة الأولى بنشاط منخفضات مصر وقبرص ومنخفض شمال الجزيرة العربية والتي عززت من نشاط منخفض البحر الأحمر.
- الحالات الممطرة التاريخية في الإمارات وسلطنة عمان نتجت من نشاط منخفض البحر الأحمر في جنوب الجزيرة العربية نتيجة حرارة منطقة بحر العرب وانحناء التيار النفاث شبه الاستوائي خلال السنوات الأخيرة نحو حوض شرق المتوسط وشمال الجزيرة العربية.
- ارتبط ذلك كثيرا في حرارة شرق المتوسط المرتفعة وحرارة بحر العرب.
- نشاط منطقة RSCZ تحناج لأنظمة جوية تؤدي إلى فعاليتها وخاصة المنخفضات القبرصية ومنخفضات المصرية ومنخفض شمال الجزيرة العربية
- قد يرتبط نشاط منخفض البحر الأحمر في نهايات المواسم المطرية مع موجات حارة مبكرة في شرق المتوسط وشمال السعودية