وسم – يتابع مركز وسم الإقليمي تراجع متواصل على التبريد الذي حصل في منطقة المحيط الهادئ الاستوائية وضعف واضح وملموس على سرعة الرياح التجارية في تلك المناطق والناتجة من عدة عوامل مناخية أضعف هذه الظاهرة المهمة والمنتظرة والتي تساهم كثيرا في تخفيف حرارة العروض شبه الاستوائية.
المقدمة..
وأصدرت النماذج الأمريكية وأهمها النماذج التابعة ل NOAA بيانات مهمة لتطور ظاهرة اللاينينا "القوية" في منطقة المحيط الهادئ الاستوائية مع انتصاف ونهاية الصيف، الا أن هذه النتائج لم تكون دقيقة حتى الحظة وبعكس النموذج الاسترالي ACCESS و الأوروبي بعيد المدى ECMWF ونتائج النماذج الإحصائية كذلك والتي توقعت ظاهرة تعادل باردة إلى لانينيا ضعيفة في أفضل الظروف.
ويبدو أن بيانات النماذج المناخية خلال الصيف تعاني عادة من انخفاض الدقة، والتي يعاملها مركز وسم الإقليمي بحذر تام، وكون النموذج المناخي الخاص بمركز وسم الإقليمي يعتمد على فترات التشابه المعايرة بناء على البيانات الجوية التي تصدر من النماذج المناخية المختصة في العوامل المناخية الرئيسية، فإن النتائج خلال الموسم المطري المقبل تعتمد كثيرا على تغير هذه البيانات والتي تعكس دورانية مختلفة كثيرا في الغلاف الجوي.
عدم تطور ظاهرة اللانينيا لا يعني ضرورة استمرار الحرارة العالية..
وبسبب انتظار هذه الظاهرة التي تساعد على تخفيف حرارة الغلاف الجوي خاصة في العروض شبه الاستوائية التي تتأثر من النشاط الاستوائئ الكبير التي تسببه ظاهرة النينيو، ولكن هذا ليس كل شيء، فنشاط التيار النفاث القطبي خلال الموسم السابق والذي تسبب في ضعف الدورانية الحرارية ( أو عملية التوازن الحراري في الغلاف الجوي) هو الذي تسبب بشكل رئيسي في رفع حرارة العروض الوسطى وشبه الاستوائية وغياب العواصف الثلجية عن العديد من مناطق العالم.
ظاهرة الحياد الباردة تقلل (نسبيا) من النشاط الاستوائي في العروض شبه الاستوائية..
ولو كان بشكل بطيء مقارنة مع ظاهرة اللانينيا القوية التي تضعف كثيرا النشاط الاستوائي عن معظم منطقة الهادئ الاستوائية وتحصره فوق شمال استراليا، فظاهرة الحياد الباردة تساعد وبشكل أبطأ تقليل حرارة المنطقة شبه الاستوائية.
التبريد متوقع الموسم المقبل لأسباب تتعلق بالدورانية القطبية..
ويتوقع تراجع واضح على شدة التيار النفاث القطبي وضعفه وتموجه المستمر والذي بدأ من غرب كندا ومنطقة الاسكا وبدأ يظهر بوضوح فوق منطقة شرق المحيط الأطلسي والقارة الأوروبية، هذا التموذج سيساعد على عملية تبادل حراري كبيرة بين العروض شبه الاستوائية والقطبية ومرورا بالعروض الوسطى، مما يعكس لاحتمالية عالية بزيادة عدد عواصف العروض الوسطى ومن ضمنها عواصف البحر المتوسط والأنظمة الجوية الباروكلينكية – الوسطى- ، يسبب ذلك طول فترات الجفاف على القارة الأوروبية وأمريكا الوسطى، وموسم شتوي عاصف على منطقة البحر المتوسط وجنوب الولايات المتحدة وشرقها، وكذلك شرق آسيا.
الأسباب التي سببت ضعف ظاهرة اللانينيا..
إن الأسباب العلمية التي تسببت في ضعف ظاهرة اللانينيا متعددة، أولها التموجات القطبية الحادة في الجزء الجنوبي من الكرة الأرضية وبسبب ضعف كبير طرأ على التيار النفاث القطبي أيضا، مما تسبب في نقل الموجات الباردة القوية نحو أستراليا والعروض الوسطى، هذا التبذب القطبي الجنوبي السلبي الحاد –SAM يؤثر كثيرا على تطور ظاهرة اللانينيا بشكل عام على حسب البيانات المناخية القديمة والدراسات الصادرة من الأرصاد الاسترالية وذلك بسبب تزامنها مع نشاط الغربيات القوية في العروض شبه الاستوائية الجنوبية.
إن ذلك تزامن أيضا مع ضعف واضح وملموس على الرياح التجارية أيضا في منطقة المحيط الهادئ الاستوائية والذي تسبب في ضعف تطور هذه الظاهرة مما يعكس تفوق النموذج الأوروبي والاسترالي في رصد ذلك مقارنة مع النماذج الأمريكية التي كانت متطرفة في التنبؤ بظاهرة قوية من اللانينيا.
وبسبب ضعف المياه شبه السطحية الدافئة أيضا وغيابها أيضا أو ضعف تاثيرها على الدورانية المائية، وربما حتى بسبب ارتفاع حرارة شمال المحيط الهادئ الكبيرة والحادة المحيطة بالمنطقة الاستوائية للمحيط الهادئ، فتسبب ذلك بتراجع احتمالية تطور ظاهرة اللانينيا من حدود 75% إلى 50% خلال نهاية الصيف وبداية الخريف، ومع تحليل البيانات وعزل البيانات التي تسبب التشويش والناتجة من النماذج الأمريكية طويلة المدى، لا نتوقع أن النسبة ستتجاوز أكثر من 40-30% فقط لتطور ظاهرة اللانينيا القوية.
لذلك وبسبب عدة عوامل مناخية ظهرت بشكل مفاجئ، والتي تتعلق حول ضعف مفاجئ وغريب يظهر على التيار النفاث القطبي في كل من جنوب وشمال الكرة الأرضية، والذي يتوقع أن يستمر على الأقل حتى نهاية الربيع في 2025.
عدم تطور ظاهرة اللانينيا أو تطورها على شكل ضعيف ومحدود ولفترة قصيرة سيظهر نتائج مختلفة كثيرا في دورانية الغلاف الجوي والتي تتعلق بدورانية قوية فوق شمال وشرق منطقة المحيط الأطلسي وفترات جافة طويلة وغير اعتيادية على أوروبا الوسطى تفصلها فترات قصيرة من العواصف القوية.
إن النتائج أيضا ترتبط بظاهرة لانينيا الأطلسي أو تبريد المنطقة الاستوائية للمحيط الأطلسي التي عكست سريعا ضعف واضح على التيار النفاث شبه الاستوائي فوق شرق الأطلسي والمسؤول بتتابع الموجات الحارة القوية نحو أوروبا واعتدال صيف منطقة وسط وشرق البحر المتوسط وشمال السعودية ومعدلات الأمطار الكبيرة في جنوب غرب السعودية وجنوبها.
الظواهر الجوية المحتملة..
إن انهيار ظاهرة اللانينيا قبل بداية تطورها لعدة عوامل مناخية كبيرة حصلت بشكل مفاجئ وأهمها التذبذب القطبي الجنوبي السلبي الحاد –SAM ، تسبب في تغيرات هامة متوقعة على الظروف الجوية في منطقة العروض الوسطى وبالتحديد في منطقة البحر المتوسط، حيث يزيد ذلك كثيرا من شتاء عاصف وبارد في العديد من الفترات مع سهولة وصول الهواء القطبي البارد نحو البحر المتوسط.
ضعف التيار النفاث القطبي والذي يتزامن مع ضعف التيار النفاث شبه الاستوائي في شرق منطقة المحيط الأطلسي سيسبب نتائج مختلفة تماما على الظروف الجوية التي ستحدث في البحر المتوسط الذي يعاني من حرارة عالية في سطح مياهه وغير مسبوقة في السجلات المناخية الحديثة، الحرارة المرتفعة للمسطحات المائية وخاصة في العروض الوسطى- السفلى لا تكفي لوحدها بتطورعواصف قوية، حيث ما زالت العوامل الديناميكية أكثر أهمية وخاصة أنها أنظمة جوية باروكلينكية بطبيعة الحال حتى لو كانت عواصف شبه استوائية، فالشرارة الأولى تبقى باروكلينيكية وليست باروتروبيكية.
إن المناطق الأكثر تأثرا بالظروف الجوية القوية خلال الموسم المقبل ستكون في منطقة وسط البحر المتوسط وشرقه بالدرجة الأولى وستكون محور الجبهة المتوسطية مائلا بوضوح نحو شمال ليبيا وشرق تونس ووصولا إلى اليونان وحتى شمال مصر وثم منطقة بلاد الشام والأردن وفلسطين، مسببا ظروف جوية قوية أيضا في غرب السعودية وشمالها وحتى العراق في العديد من الفترات وخاصة مع انتصاف فصل الخريف، حيث ستميل الجبهة المتوسطية أكثر نحو الشرق مع تعاظم العواصف الأطلسية حتى سواحل غرب أوروبا.
ما سيميز موسم الشتاء المقبل هو درجات الحرارة المنخفضة أكثر من المعتاد خلال فترة ديسمبر- يناير – فبراير في المنطقة وخاصة وسط وشرق المتوسط وشمال السعودية والعراق ومصر، قد تتزامن أحيانا مع فترات دافئة قصيرة اعتمادا على محور الجبهة المتوسطية الذي قد يميل أحيانا نحو وسط البحر المتوسط.
منخفضات البحر المتوسط وخاصة المنخفضات القبرصية والمصرية تعتبر شديدة الأهمية للظروف الجوية غير المستقرة في الجزيرة العربية واعتمادا على محور المرتفع الجوي السيبيري الذي سيميل أكثر نحو الشرق مقارنة مع سنوات اللانينيا المعتادة أو المواسم التي تلي سنوات النينيو القوية، مما سيسبب في تطور نفق رطوبي قوي نحو السعودية وخاصة غربها ووسطها خلال الموسم المطري المقبل والذي لا يستبعد أن يسبب كميات أمطار قياسية في بعض الفترات وغير مسبوقة في السجلات المناخية الحديثة.
المواسم المطرية القوية التي تؤثر على بلاد الشام مستمرة ومتوقعة مجددا هذا الموسم، ولا صحة لأي تقرير يشير إلى تراجع مستويات الأمطار في الأردن أو فلسطين أو اي منطقة في الشرق الأوسط وهي دراسات ضعيفة وتفتقر لكل الأسس العلمية، وقام مركز وسم الإقليمي بنفيها في أكثر من مناسبة.
استمرارية معدلات الأمطار الكبيرة في المنطقة خلال الموسم المقبل قد تكون مؤشر على دورة مناخية رطبة طويلة أو تغير مناخي هام بدأ يؤثر على المنطقة، مع العلم التغيرات المناخية الطبيعية والناشئة من عدة ظروف طبيعية تؤثر على كوكب الأرض ومن ضمنها عوامل جيولوجية أو تغير في حركة دورانية التيارات في المحيطات تسبب ظروف جوية ومناخية متغيرة كثيرا وقد تكون مفاجئة أحيانا.
المصادر..
https://iri.columbia.edu/our-expertise/climate/forecasts/enso/current/?enso_tab=enso-sst_table
https://coralreefwatch.noaa.gov/product/5km/
http://www.bom.gov.au/climate/enso/#tabs=Pacific-Ocean&pacific=Forecast