وسم –يرصد مركز وسم الإقليمي دورانية غير اعتيادية للغلاف الجوي ونادرة الحدوث تبدأ الأيام الاخيرة من الشهر الحالي وحتى شهري نوفمبر وديسمبر  ويتوقع أن تصل ذروتها خلال شهر يناير وذلك على شكل نشاط "حاد" للموجات القطبية نحو منطقة البحر المتوسط والجزيرة العربية تتركز بشكل رئيسي على منطقة شرق البحر المتوسط وتركيا والجزيرة العربية وبلاد الشام.

هذه الموجات القطبية المتوقعة ناتجة من نشاط غريب وغير اعتيادي للتيار النفاث القطبي " Polar Jet Stream" وتكرر هذا الأمر بشكل مشابه خلال موسم 2014-2015 وكذلك موسم 2021-2022، ولكن يتوقع تكراره بشكل أكثر قوة ووضوحا وشمولية خلال الموسم المطري المقبل.

ماذا يعني النشاط القطبي المبكّر؟
هذا لا يعني تساقط ثلوج مبكرة، فما زال البحر المتوسط ساخنا، عدا المناطق الجبلية العالية مثل جبال لبنان الشاهقة أو جبال شمال الجزائر، ولكن هذا يعني توقعات بتساقط كميات كبيرة من الأمطار في هذا الإقليم خلال شهر نوفمبر أو تجدد نشاط العواصف المتوسطية مرة أخرى وخاصة في أقليم شرق ووسط المتوسط.

ويعني ذلك أيضا حدوث موجات باردة شتوية مبكّرة، إن نتائج النموذج المناخي لوسم يرصد نشاطا قطبيا هاما خلال ال 10 الأيام الأولى من شهر نوفمبر في إقليم شرق المتوسط وبلاد الشام وشمال الجزيرة العربية، وتجدد لهذا النشاط القطبي على شكل جاف بعد منتصف نوفمبر واستمرار لنشاط هذه الموجات القطبية المبكرة طوال شهر نوفمبر بين الرطبة والجافة.

الانقطاعات المطرية غير واردة في المنطقة، أما فترات الاستقرار التي تستمر لمدة أسبوع أو 10 أيام فهي تعتبر اعتيادية في سلوك ودورانية الغلاف الجوي.

النشاط القطبي المبكّر سيصبح أكثر وضوحا خلال نهايات نوفمبر والنصف الأول من ديسمبر في إقليم شرق البحر المتوسط بشكل رئيسي وشمال الجزيرة العربية.

النموذج الأوروبي المدمج بالذكاء الاصطناعي، يرصد حالات جوية ممطرة قوية إقليميا في المنطقة العربية نهاية الشهر وبداية شهر 11


إن نشاط الموجات القطبية نحو المنطقة وبشكل مستمر يزيد كثيرا من فرص الحالات الممطرة الغزيرة في إقليم الجزيرة العربية ودول الخليج العربي خلال الخريف، فاستجابة الغلاف الجوي لتموج التيار النفاث القطبي خلال الخريف في العروض شبه الاستوائية يختلف كثيرا عن فصل الشتاء، فالكتل الرطبة والدافئة التي ما زالت "مهيمنة" على تلك المناطق تزداد نشاطا ودينامكية وتسبب حالات ممطرة هامة وشاملة في إقليم المناطق الصحراوية والجزيرة العربية ودول الخليج العربي وخاصة مناطق شمال الخليج العربي والبحر الأحمر بشكل عام.


أما تأثير الموجات القطبية المبكرة الخريفية على بلاد الشام، فيزيد كثيرا من فرص الحالات الممطرة الغزيرة أو تساقط كميات كبيرة من المطر، وذلك بسبب الاختلاف الحراري الكبير بين حرارة البحر المتوسط وطبقات الجو العليا التي تزيد من نشاط عدم استقرارية الهواء الباروتروبيكي، كذلك تزيد من نشاط الجبهات الباردة.

المرتفع الجوي الأوروبي يصل إلى نشاط كبير ومبكر جدا والذي يتوقع أن يتسبب بموجات برد وموجات أمطار غزيرة في المنطقة.


التيار النفاث القطبي يسجل ضعفا حاد وتموجا كبيرا|
إن البرودة المبكرة والنادرة في منطقة البحر المتوسط وخاصة شرقه وشمال الجزيرة العربية وتركيا وجنوب أوروبا يعود لسبب تموج هذا التيار الذي يهب على ارتفاع 9كم عن مستوى سطح البحر، تموج هذا التيار يسبب نشاط عالي لما يطلق عليه موجات روسبي، هذه الموجات مسؤولة بشكل رئيسي على عملية التبادل الحراري الكبير التي تتم بين المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية الحارة والمناطق القطبية الباردة.

كلما زادت حدة هذه الموجات، يعكس ذلك غلافا جويا نشطا وديناميكا، يقلل كثيرا من أثر ارتفاع الحرارة العالمي لكن يسبب ذلك تطرف عالي للحالات الجوية الممطرة والعواصف القوية وذلك نتيجة الحرارة العالية التي سجلتها خاصة العروض الوسطى خلال عام 2023 لأسباب غير معلومة تماما.

تموج التيار القطبي يعود لأسباب علمية معقدة، ولكن الأهم هي اختلاف الحرارة في عدة مناطق وأهمها : المناطق الأستوائية الأطلسية وكذلك المناطق الاستوائية في المحيط الهادئ، وشمال المحيط الهادئ الذي يسجل برودة متسارعة على عكس التوقعات وربما يعود سبب ذلك إلى نشاط تدفق الرياح القطبية بشكل سريع نحو العروض الوسطى.

فشل تطور ظاهرة اللانينيا المناخية|
وتعتبر ظواهر المحيط الهادئ الاستوائية هي الأهم في التأثير على دروانية الغلاف الجوي، فإن فشل تطور هذه الظاهرة أثر كثيرا على المعطيات المناخية وطبيعة تأثر التيار النفاث القطبي، فتغير نشاط الخلية الاستوائية في المحيط الهادئ الاستوائي، تسبب كثيرا في التأثير على طبيعة التيار النفاث شبه الاستوائي ( يهب على ارتفاعات أعلى بين 11-13 كم) ، هذا التيار يسجل ضعفا كبيرا وغريبا في العديد من مناطق العالم وخاصة منطقة البحر المتوسط وجنوب أوروبا وشمال الجزيرة العربية، والذي ساهم كثيرا في بداية الفترات الباردة مبكرا هذا الموسم.

فشل تطور ظاهرة اللانينيا على عكس توقعات النماذج الأمريكية هذا الموسم والذي يطابق دراسات مركز وسم الإقليمي


منطقة قوية من الضغط الجوي المرتفع ستشمل معظم مناطق أوروبا|
ويبدو أن هذا المرتفع الجوي "الأوزوري" سجل نشاطا مبكرا جدا هذا الموسم وتسبب بدفع كتلة هوائية باردة وجافة نحو المنطقة مسجلا أول موجة باردة تسيطر على الجزيرة العربية وبلاد الشام وبشكل نادر الحدوث، بالرغم أن نشاط المرتفع السيبيري ما زال ضعيفا وخجولا، إلا أن ذلك لن يستمر طويلا.

المرتفع الجوي الأوروبي( الأوزوري)  القوي يعود بسبب نشاط قوي للتيار النفاث القطبي فوق شرق منطقة المحيط الأطلسي وتموجه بشكل حاد، وهذا ناتج من تموجات قوية على التيارات النفاثة في أمريكا الشمالية وخاصة الغرب الأمريكي وكذلك سواحل أمريكا الشرقية وغرب الأطلسي، مما يؤدي لاختلاف مراكز العواصف الأطلسية هذا الموسم إلى الغرب أكثر من المعتاد مقارنة مع الموسم المطري السابق، خاصة أننا رصدنا مياه حارة غير اعتيادية قرب تلك المناطق مما يحفز نشاط هذه العواصف.

مركز وسم الإقليمي يرصد البداية المتأخرة للحالات الممطرة هذا الشهر والتي ستكون خلال الأيام الأخيرة منه عبر تموذجه المناخي الفائق الدقة.


المرتفع السيبري والذي ما زال ضعيفا ( وهو أمر طبيعي في هذا الوقت) سيتخذ محورا مختلفا هذا الموسم وإلى الجنوب الغربي من آسيا وشمال بحر العرب ( أي أنه سيتخذ مركزا إلى الشرق أكثر من المعتاد مقارنة مع هذه السنوات) مما سيؤدي إلى وجود نفق رطوبي عالي نحو الجزيرة العربية ومستمر غالبية أيام الموسم المطري المقبل وبتحفيز من مركز عميق لمنخفض البحر الأحمر بسبب نشاط عواصف البحر المتوسط، هذا النفق الرطوبي الذي قد يكون شبه دائم قد ينتج عنه موسم مطري غير اعتيادي في السعودية والجزيرة العربية وحتى منطقة بلاد الشام ومصر والعراق ودول الخليج العربي.

إن امتداد المرتفع السيبيري نحو الغرب سيكون مؤقتا وسريعا وذلك بين موجات نشاط المرتفع الجوي الأوزوري القوية، ولتسهيل الأمر، إن امتداد المرتفع السيبري هذا الموسم نحو المنطقة سيعقبه نشاط عالي لمنخفضات البحر المتوسط لاحقا وذلك نتيجة تنظيم الغلاف الجوي وهذا في الحقيقة يرفع كثيرا من فرص الحالات الثلجية في بلاد الشام وشمال السعودية، ولتبسيط هذا الأمر، فإن الكتل الباردة الجافة ستتزامن مع تواجد كتل رطبة باردة من شمال اوروبا مما يزيد من فرص الحالات الثلجية.

النموذج المناخي لمركز وسم الإقليمي يسجل نتائج فائقة الدقة وغير مسبوقة|
ويبدو أن تنظيم الغلاف الجوي يطابق تماما ما رصده النموذج المناخي لوسم، ومع تغلبنا على التشويش في البيانات المناخية التي تتعلق حول ظاهرة اللانينيا التي فشلت في التطور، وتوقع نموذجنا أن بداية الموسم المطري الحالي ستتأخر قليلا حتى نهايات أكتوبر، ويبدو أن النماذج الحاسوبية الفيزيائية تستشعر ذلك بوضوح خلال نهاية أكتوبر في المنطقة.

وسيتم تشغيل النموذج المناخي لوسم خلال الأسبوع المقبل عبر دورة بيانات رئيسية هامة، ولا نتوقع أن يحصل تغيير على النشرات الموسمية التي تم إصدارها خلال شهر سبتمبر، فمحاكاة النتائج على أرض الواقع تطابق كثيرا النتائج المتوقعة من النموذج المناخي لوسم.

تنظيم الغلاف الجوي خلال على الخريف على حسب بيانات النموذج المناخي لوسم