وسم – ما زال المحيط الهادئ يشهد فترة من الهدوء والتعادل " عدم تأثير ظاهرة مناخية رئيسية" منذ الموسم المطري السابق وذلك بعد ظاهرة النينيو التي شهدها في موسم 2023-2024 والذي كان ماطرا بغزارة في معظم منطقة الشرق الأوسط، وحققت مناطق من الأردن وفلسطين ومناطق واسعة من السعودية ما يزيد عن 150% من الموسم المطري كاملا، وأكثر من 400% في الإمارات وأجزاء من منطقة الخليج العربي، حيث تزيد ظواهر النينيو من الأنظمة الجوية الإيجابية لمواسم مطرية أفضل في الشرق الأوسط.
ومع خمول منطقة المحيط الهادئ الاستوائي خلال الموسم الأخير 2024-2025 دون تأثير أي ظاهرة مناخية رئيسية، يتوقع أن يستمر هذا الخمول حتى خريف 2025 ولكن هناك تغيرات مهمة قد تحدث مع النصف الثاني من الموسم المطري المقبل وقد يؤدي إلى ظروف جوية شديدة في مختلف مناطق العالم وخاصة منطقة البحر المتوسط والشرق الأوسط وأمريكا الشمالية وشرق آسيا.
الوضع الحالي للمحيط الهادئ|
وقبل الخوض في الظروف المناخية المتوقعة خلال الموسم المقبل، ما زال المحيط الهادئ الاستوائي خاملا دون أي ظاهرة مناخية رئيسية مسيطرة وذلك منذ نهاية صيف 2024، حيث لم تنجح ظاهرة اللانينيا بالتطور وهذا يطابق دراسات مركزنا خلال الصيف السابق، وما زالت درجات الحرارة في المنطقة الاستوائية للمحيط الهادئ حول معدلات الموسمية الطبيعية مما يعكس عدم تأثير هام من المحيط الهادئ الاستوائي على دورانية الغلاف الجوي.

وتشهد منطقة شمال المحيط الهادئ حرارة مرتفعة كثيرا، وعلى حسب ملاحظات مركز وسم الإقليمي ودراساته الأخيرة وبيانات النموذج المناخي للمركز، فإن ذلك أثر كثيرا على الدورانية القطبية حول النصف الشمالي من الكرة الأرضية والتأثير الكبير على التيار النفاث القطبي ليصبح قويا خاصة فوق المحيط الهادئ وكذلك شمال القارة الأوروبية بشكل عام، وهذا تزامن بشكل مباشر مع ضعف كبير على التيار النفاث شبه الاستوائي، مما أثر على حركة المنخفضات الجوية المتوسطية لتنحرف مراكزها نحو جنوب قبرص وشمال مصر، مؤديا لانخفاض معدلات الأمطار في الجزء الشمالي الغربي من بلاد وزيادة معدلات الأمطار بشكل واضح في وسط الأردن وشرقها وجنوبها وكذلك غرب وشمال وغرب السعودية خلال الموسم السابق.
إن هذه الظروف ستتغير قليلا مع توقع انتقال حرارة شمال منطقة المحيط الهادئ نحو سواحل كندا وأمريكا الغربية مع الموسم المقبل، كذلك "ارتفاع واضح" على حرارة منطقة غرب المحيط الهادئ الاستوائي والذي يزيد كثيرا من احتمالية تطور ظاهرة "نينيو" غربية أو النينيو المودوكي المسؤولة بشكل مباشر في تطرف دورانية الغلاف الجوي والتي قد تسبب تأثيرا واضحا على طبيعة التيار النفاث القطبي في منطقة المحيط الهادئ وأمريكا الشمالية حيث ستزيد كثيرا من فرص العواصف القوية على وسط وغرب أمريكا الشمالية وجنوبها.

الوضع المتوقع للمحيط الهادئ خلال الخريف|
ويتوقع استمرار سيطرة مرحلة التعادل " الخمول " في منطقة المحيط الهادئ الاستوائي مع استمرار الحرارة المرتفعة أيضا في منطقة شرق المحيط الهندئ الاستوائي ( أي ما بين 160 شرقا وحتى 100 شرقا في النطاق الاستوائي) ، مرحلة التعادل لمنطقة المحيط الهادئ الاستوائي، تؤدي لضعف تأثيره الهام على دورانية الغلاف الجوي، مع استمرار سلبية الدورانية لمنطقة المحيط الهندي – IOD-.
ولكن وبسبب تواجد كبير للمياه الحارة في المنطقة شبه السطحية على طول الجزء الغربي من المحيط الهادئ الاستوائي، واضطراب في حركة الرياح التجارية باستمرار، يتوقع أن تمتد المياه الحارة أكثر من المعتاد حتى 140 غربا من المنطقة الاستوائية للمحيط الهادئ والتي ستشمل المنطقة 4.0 من النينيو، مؤديا بشكل تدريجي لتطور ظاهرة نينيو مودوكي خلال النصف الثاني من الموسم المطري المقبل، ويعكس ذلك تأثيرا قويا جدا على طبيعة الموسم المطري في المنطقة وربما يكون أكثر خطرا من المعتاد، قد لا تكون بداية الموسم المقبل مبشرة كثيرا ولكن كل ذلك سيتغير تدريجيا.

ظواهر النينيو المودوكي|
إن ظواهر النينيو المودوكي أكثر تعقيدا على دورانية الغلاف الجوي، ولكن من حيث الدراسات التي قمنا بها في مركز وسم الإقليمي، فإن الظواهر الهادئة منها تعطي نتائج أكثر وضوحا حول طبيعة المواسم المطرية مقارنة مع الظواهر الأكثر قوة، ولحسن الحظ فإننا لا نتوقع ظاهرة نينيو مودوكي شديدة خلال الموسم المقبل، مما سيسهل عمل نموذجنا المناخي لتعطي نتائج أقرب للواقع خاصة حول طبيعة وخصائص الموسم حول الهطول المطري.
تغيرات هامة خلال النصف الثاني من الموسم المقبل|
ويتوقع أن يبدأ هذا التغير بوضوح من منطقة شرق المحيط الهندي، مع بداية انخفاض الحرارة في تلك المناطق تدريجيا خلال فصل الخريف وضعف الرياح التجارية أو اضطرابها في منطقة غرب المحيط الهادئ ووسطه، واستمرار تدفق المياه الباردة عبر سواحل البيرو إلى الجزء الشرقي من المحيط الهادئ وكذلك من الأعماق، يعزز ذلك كثيرا من ظهور بؤر ساخنة في منطقة 4.0 من المحيط الهادئ الاستوائي.
يؤدي ذلك إلى خلية استوائية غير اعتيادية في المنطقة الاستوائية التي تجمع المحيطين الهادئ والهندي، حيث يزداد صعود الهواء في مناطق غرب ووسط المحيط الهندي مؤديا لظاهرة النينيو المودوكي في منطقة المحيط الهادئ الاستوائي وإلى نشاط جوي كبير قرب مناطق اليمن وغرب السعودية وشمالها ومصر وشرق البحر المتوسط.

إن دراسة تأثيرات ضعف التيار النفاث في البحر المتوسط ستؤدي لاستمرارية تدفق الرياح الباردة عبر الطبقات العليا من الجو نحو شرق البحر المتوسط واستمرار الظروف الجوية النشطة كثيرا في تلك المناطق، مع تأثير ظاهرة النينيو المودوكي على طبيعة الظروف الجوية فوق شمال المحيط الهادئ، قد يؤدي ذلك إلى تموج كبير أو ضعف حاد بالتيار النفاث القطبي قرب مناطق جنوب شرق أوروبا خلال النصف الثاني من الموسم المطري المقبل وارتفاع فرصة حدوث موجات البرد الرطبة التي ستؤثر أيضا على دول البلقان وتركيا ومصر وشرق المتوسط، وعودة المنخفضات الجوية القبرصية لمسارتها بشكل شبه معتاد ( أي حول جزيرة قبرص أو قربها) .
ضعف الموسم المطري سيتواصل في النصف الأول من الموسم المطري على الإمارات وعُمان نتيجة الدورانية الاستوائية في منقطتي المحيط الهندي والهادئ، ولكن ذلك سيتغير تدريجيا ويزيد من فرص الحالات الممطرة القوية على وسط السعودية ومناطق جنوب الخليج العربي.
إن ظواهر النينيو المودوكي معقدة ولكن تأثيرها على دورانية الغلاف الجوي "شديدا ومتطرفا" وارتبطت مواسم قوية وثلجية مع هذه الظواهر المؤثرة في شرق المتوسط وبلاد الشام والجزيرة العربية.

توقعات ما تبقى من صيف 2025|
اعتدال الطقس أو الحرارة الأقل من المعتاد مستمرة في شرق المتوسط وبلاد الشام والأردن وشمال السعودية وغرب وسطها بشكل غير معتاد ولا يستبعد الفترات الحارة القصيرة أحيانا.
ومعدلات أمطار غزيرة في جنوب غرب السعودية واليمن والسودان وحتى جنوب مصر وكذلك مناطق الصحراء الكبرى، ويتوقع أن ينتهي فصل الصيف الحالي بشكل مبكر ومع نهايات شهر 8 في منطقة شرق المتوسط وبلاد الشام وبداية التأثيرات الخريفية المعتدلة.