وسم - تابع وسم عاصفة Elaina التي أثرت بقوة على حوض شرق البحر المتوسط خلال اليومين السابقين والتي تم تصنيفها " بالعاصفة شبه الاستوائية" أو Medicane وتعني بالعربية "إعصار البحر المتوسط"، وأثرت هذه العاصفة بقوة على فلسطين ولبنان وغرب سوريا وحتى شمال الأردن، إلا أن تأثيرها كان متوسطا بشكل عام على باقي مناطق الأردن نظرا لابتعاد تياراتها الرطبة عن تلك المناطق وذلك بسبب شدة دوارانية الهواء حول مركزها.
وسببت هذه العاصفة تساقط كميات كبيرة من الأمطار تجاوزت 100 ملم في العديد من مناطق حوض شرق المتوسط ونشاط الرياح القوية التي تجاوزت 100 كم/ساعة في حوض قبرص وسواحل سوريا ولبنان، وتصنف هذه العاصفة بالنوع النادر والهجين، ويعني ذلك أنها تجمع خصائص استوائية وخصائص شتوية أو "باروكلينيكية" بنفس الوقت وسجل شرق البحر المتوسط بالأمس العاصفة الثالثة من هذا النوع وذلك منذ عام 2019.
وحصلت العاصفة الأولى من هذا النوع في شرق البحر المتوسط في نهاية أكتوبر 2019، حيث يشهد وسط وغرب المتوسط هذه العواصف بالعادة ولكنه من النادر أن تشهدها مناطق شرق المتوسط.
وسبب ظهور هذا النوع النادر من العواصف هو ارتفاع درجات حرارة مياه شرق البحر المتوسط في اخر عامين بشكل كبير نتيجة ارتفاع كيبر على درجات الحرارة، حيث تحتاج هذه العواصف إلى درجة حرارة مسطحات مائية تزيد عن 20 مئوية ويفضل أن تكون فوق 23 مئوية.
وكان تأثير هذه العاصفة متوسط الشدة على معظم مناطق الأردن عدا المناطق الشمالية التي شهدت تساقطا غزيرا للأمطار استمر لساعات منذ مساء الثلاثاء وكميات تجاوزت 70 ملم.
وانخفضت قيمة الضعط الجوي السطحي على حسب متابعة صور الأقمار الاصطناعية دون 1000 ملليبار ويعتبر ذلك عميقا مقارنة مع المناطق المحيطة وهو مؤشرا أنها وصلت إلى مرحلة تقترب من قوة عاصفة استوائية أو إعصار من الدرجة الأولى، وكانت هذه العاصفة محل اهتمام واستغراب العديد من الجهات المناخية ومراكز الرصد الجوي العالمية والمتطوعين نظرا لقوتها وندرتها في مناطق كالبحر المتوسط.
ويتوقع وسم أن تزداد هذه الظواهر الجوية بشكل مستمر خلال السنوات المقبلة وذلك بسبب ارتفاع درجات الحرارة عالميا وتغيرات مناخية حادة بدأت تحدث في المنطقة.
خصائص عاصفة Elaina..
بدأت مرحلة تشكّل عاصفة Elaina من يومي الجمعة والسبت على شكل عاصفة شتوية قوية مصحوبة بكتلة هوائية باردة قطبية المنشأ ولكنها بحرية ومن نوع mP ( قطبية بحرية) ، وأثرت العاصفة بقوة كبيرة على دول المغرب العربي واليونان وايطاليا بداية الأسبوع وأدى هذا إلى اندفاع جبهته الهوائية الدافئة نحو بلاد الشام والأردن وارتفاع كبير على الحرارة خلال يومي الأحد والإثنين.
وابتداء من يوم الإثنين ليلا وصلت جبهته الباردة إلى الأردن وبلاد الشام وتسببت في أمطار رعدية غزيرة واسعة النطاق وتشكّل السيول وانخفاض كبير على درجات الحرارة ونشاط الرياح وإثارة العواصف الرملية في المناطق الصحراوية.
وبسبب استمرار دفع المنخفض نحو الشرق وذلك لوجود منطقة من الضغط الجوي المرتفع على شمال أفريقيا وأيضا على شرق القارة الأوروبية، بدأت المرحلة الأخيرة من العاصفة وهي مرحلة التلاشي، ولكنها لم تحصل ليبدأ المنخفض الجوي بالمرور بمرحلة "نادرة" وهي التحوّل إلى إعصار متوسطي والسبب يعود إلى ارتفاع درجة الحرارة مياه شرق البحر المتوسط بشكل كبير، كذلك تواجد الكتلة الهوائية الباردة المصاحبة له فوق منطقة حوض شرق المتوسط على شكل يطلق عليه " Tear off" أي شبه انعزال عن الكتل الهوائية الباردة الرئيسية والغربيات الرئيسية، وهذا سبب عدم استقرار جوي "باروتروبيكي" ويشير ذلك إلى تغير الحرارة رأسيا بشكل كبير كلما صعدنا.
تسبب ذلك في صعود الهواء عموديا بشكل سريع نحو الأعلى ونتج عنه انخفاضا حاد ومستمرا في قيمة الضغط الجوي السطحية ليدخل المنخفض الجوي الذي يفترض أن يتلاشى إلى مرحلة العاصفة شبه الاستوائية، ليتعمق بشكل كبير وحاد وتشتد حوله الرياح ثم تظهر عين العاصفة ويكتسب خصائص استوائية واضحة أدهشت المتخصصين ومتابعي الحالات الجوية، اكتسابه هذه الخصائص تعني صعوبة التنبؤ بحركته داخل البحر المتوسط وعشوائية تحركه أيضا ليشابه الأعاصير تماما، ولكنه بنفس الوقت ما زال يمتلك جبهات هوائية، وهو سبب إطلاق اسم "عاصفة شبه استوائية" عليه، ويعتبر اسم Subtropical Cyclone أفضل بكثير كوصف علمي مقارنة مع الكلمة Medicane التي تعاني من وصف صحيح للنظام الجوي.
العاصفة شبه استوائية استطاعت التطور بشكل كبير يومي الثلاثاء والأربعاء لتقترب من درجة إعصار من الدرجة الأولى داخل حوض قبرص وبمعدل سرعة رياح وصل إلى 80 كم/ساعة والتسبب بأمطار شديدة على لبنان وسوريا وفلسطين وامتداد هذه الأمطار إلى أجزاء من شمال الأردن، لكن التأثير كان متوسط الشدة فوق وسط الأردن وجنوبه بسبب اندفاع رياح جافة من مصر وهو ما سبب ضعف الغيوم الممطرة في العديد من الفترات، ومن الصعب التنبؤ لمثل هذه الأنظمة الجوية لعدم وجود دراسات كافية حول تشكّلها ولندرتها، كما لا تستطيع النماذج العددية الحاسوبية محاكاتها بطريقة صحيحة، وهي بدأت تتكرر بشكل مستمر وربما سنصل إلى معدل إعصارين في شرق البحر المتوسط سنويا بسبب ارتفاع الحرارة.
اندفعت هذه العاصفة بقوة نحو لبنان مساء الأربعاء ولكن لم يستطع الجزء السفلي من العاصفة الاندفاع عبر جبال لبنان العالية واستمر فوق سواحل جنوب لبنان بينما اندفع الجزء العلوي بسرعة نحو سوريا بسبب قوة ما يطلق عليها الغربيات العلوية، ليحصل ما يطلق عليه "تمزق النظام الجوي" وهو شائع للاعاصير والذي يسبب لها الضعف، لتدفعها الرياح الشمالية نحو سواحل فلسطين مساء الخميس والتلاشي تدريجيا.
وبالرغم من ضعف تأثير هذه العاصفة على الأردن مقارنة مع باقي مناطق بلاد الشام إلا أنها تسببت في تساقط كميات كبيرة من الأمطار في المناطق الشمالية وتشكّل السيول وهو سبب إطلاق مستويات تنبيه مرتفعة على بعض المناطق خاصة الشمالية.