وسم- تعتبر ظاهرتا اللانينيا والنينيو المناخية هي العوامل المناخية الأهم في دورانية الغلاف الجوي، والتي تؤثر بشكل مباشر في نشاط التيار النفاث وخاصة شبه الاستوائي، والمؤدي لقوالب جوية نوعية ودورانية مختلفة للغلاف الجوي.
وفشل تشكّل ظاهرة اللانينيا المناخية هذا الموسم والتي تعتبر الظاهرة المناخية الأهم والمؤثر الرئيسي على دوراينة الغلاف الجوي، وبالرغم من إصرار النماذج المناخية الأمريكية على توقع تشكّلها، إلا أن النتائج خلال الأسبوع الأول من نوفمبر توضح تدهورها السريع والمتواصل قبل أن تتشكل، ولم تسجل منطقة 3.4 قيم أقل من 0.5- مئوية ، وكانت القيمة المسجلة الأخيرة هي 0.2-، ونحتاج لقيم تقل عن 0.7- لعدة قراءات متعاقبة واعلان ذلك بشكل رسمي من الأرصاد الاسترالية.
ويعود سبب فشل تطوّر ظاهرة اللانينيا المناخية لكثير من النقاط المتشابكة، أهمها تراجع وجود المياه الباردة في المياه شبه العميقة في خط الاستواء للمحيط الهادئ خاصة الجزء الغربي، وضعف كبير على سرعة الرياح التجارية التي لم تتجاوز القيمة الأدنى المطلوبة لتطوّر هذه الظاهرة.
ولا علاقة للحالات الممطرة القوية الأخيرة في المنطقة بهذه الظواهر بشكل مباشر، وإنما سيسبب ذلك دورانية غير اعتيادية للغلاف الجوي، وارتفاع فرص المزيد من الحالات الممطرة الأكثر تطرفا وقوة في المنطقة.
وأعلن مركز وسم الإقليمي منذ الصيف عن توقعات بفشل تطوّر هذه الظاهرة المناخية، لكثير من الأسباب العلمية، والتي سنعيد شرحها مرة أخرى.
ضعف كبير على سرعة الرياح التجارية|
وتسبب الضعف الكبير على سرعة الرياح التجارية والتي تعتبر العامل الأهم في تعزيز ظاهرة اللانينيا المناخية في فشل تطور هذه الظاهرة قبل أن تبدأ، ويعود سبب ذلك إلى استمرار تذبذب الضغط الجوي في منطقة المحيط الهادئ الاستوائية وعدم انخفاض حرارة منطقة المحيط الهادئ الاستوائية بالشكل المطلوب.
التذبذب السالب الحاد في معامل القطب الجنوبي "SAM" |
وما زال معامل التذبذب القطبي الجنوبي يسجل قيما سلبية حادة منذ فصل الصيف، والذي يؤثر كثيرا على حركة الرياح التجارية في المناطق شبه الاستوائية والاستوائية في المحيط الهادئ، ونعتقد أن هذا التذبذب هو السبب الأكبر في ضعف سرعة الرياح التجارية.
تراجع كبير في المياه الباردة شبه العميقة|
وتركزت المياه الباردة شبه العميقة في المنطقة الشرقية من المحيط الهادئ الاستوائية، وهذا ما نلاحظه من تركيز البرودة في تلك المناطق منذ فترة.
ما هي التأثيرات؟
ويساهم ذلك في دوراينة مختلفة للغلاف الجوي مقارنة مع توقعات النماذج المناخية العالمية، والتي أشارت إلى ظروف جوية باردة وكميات هطولات عالية في القارة الأوروبية، وما يحصل الان هو العكس، حيث نلاحظ سيطرة منطقة قوية من الضغط الجوي المرتفع على معظم أوروبا والتي يتوقع أن تستمر لأسابيع أخرى طويلة!.
إن فشل تطوّر هذه الظاهرة بالإضافة لضعف مفاجئ للتيار النفاث شبه الاستوائي خاصة في منطقة المحيط الأطلسي، وتكدس المياه الباردة فقط في الجزء الشرقي من المحيط الهادئ الاستوائي وكذلك منطقة المحيط الأطلسي الاستوائية وشبه الاستوائية ، تسبب في سلوك غريب للتيار النفاث شبه الاستوائي وضعف حاد خاصة في منطقة البحر المتوسط، ونتج عن ذلك حالات ممطرة قوية وشديدة في إقليم البحر المتوسط.
مركز وسم الإقليمي انفرد بهذه التنبؤات الجوية البعيدة والتي ركزت على تطرف الظروف الجوية في البحر المتوسط خلال الموسم المطري الحالي ونتيجة لضعف التيار النفاث شبه الاستوائي.
إن الأكثر أهمية أيضا هو تكدس مياه أكثر حرارة من المعتاد بكثير في شمال المحيط الهادئ خلال الفترة الأخيرة والتي تسببت في سلوك مميز جدا للتيار النفاث القطبي، ولأسباب أخرى كثيرة مترابطة، تسبب هذا في تموج كبير وحاد للتيار النفاث القطبي مسببا حالات ممطرة شديدة في العروض شبه الاستوائية والوسطى خلال الأسابيع الأخيرة شملت معظم المنطقة العربية.
وبسبب استمرار هذا السلوك الغريب، يتوقع مركز وسم الإقليمي موجات برد مبكرة وغير اعتيادية خلال الأسابيع المقبلة ومن ضمنها موجة باردة حادة منتصف نوفمبر وما بعده سينتج عنها المزيد من الحالات الممطرة القوية في مناطق واسعة من الجزيرة العربية والبحر المتوسط.
ونتابع تجدد الحالات الممطرة الغزيرة في السعودية ودول الخليج العربي والعراق وبلاد الشام والأردن، وكذلك نطاق واسع من دول المغرب العربي وأسبانيا وابتداء من فترة منتصف الشهر، مع استمرار موجة جفاف طويلة وغير اعتيادية على القارة الأوروبية، وتجددها على الساحل الشرقي الأمريكي.
إن منطقة الضغط الجوي المرتفع ستتمركز أكثر نحو وسط وغرب أوروبا ابتداء من قبل منتصف نوفمبر، مما يحفز اندفاع موجات رسوبي قوية باردة نحو شرق أوروبا ومنطقة البحر المتوسط وخاصة شرقه.
الكثير من المناطق معرضة لموجات ممطرة غزيرة أهمها في منطقة غرب المتوسط، وكذلك دول الشام والأردن، وكذلك منطقة الجزيرة العربية وبالتحديد سواحل البحر الأحمر ووسط السعودية وشرقها ومنطقة الخليج العربي والكويت والعراق.
ويسبب ذلك عواصف ثلجية قوية واردة في شرق أوروبا ومنطقة البحر الأسود وتركيا خلال الأسابيع المقبلة، وذلك نتيجة السلوك الغريب للتيار النفاث.
https://www.ospo.noaa.gov/products/ocean/sst/anomaly/
https://www.pmel.noaa.gov/elnino/status
http://www.bom.gov.au/climate/enso/#tabs=Overview
Photo: Joseph Barrientos, Unsplash