وسم- ما زال المحيط الهادئ يشهد مرحلة "طويلة" من الخمول والتعادل على غير العادة وذلك منذ منتصف صيف 2024 وذلك بعد ظاهرة قوية من النينيو في موسم 2023-2024، ويعتبر ذلك غير شائعا بالنسبة للنشاط الاستوائي في منطقة المحيط الهادئ الاستوائي.

ما هي ظواهر النينيو واللانينيا؟ ENSO
هي التي تقيس قيمة ارتفاع أو انخفاض درجات الحرارة في المنطقة الاستوائية للمحيط الهادئ عن المعدلات الموسمية، وحتى يتم تسجيل ظاهرة اللانينيا وعلى حسب تعريف المركز الاسترالي المناخي يجب أن تنخفض معدل الحرارة عن 0.8- مئوي لمدة ثلاث أشهر متتابعة، وعلى حسب إدارة المحيطات والغلاف الجوي الأمريكية يتم تحديد ذلك عن –0.5 مئوية لنفس المدة، ولم يتم تحقيق هذا المقياس طوال الفترة السابقة، ويتم تحديد ظاهرة النينيو بنفس القيم ولكن بالأرقام الموجبة.

لماذا فشلت ظاهرة اللانينيا بالتطور خلال الموسم السابق؟
أصدر مركز وسم الإقليمي العديد من الدراسات في صيف 2024 والذي كان من المراكز القليلة التي توقعت فشل ظاهرة اللانينيا لأسباب علمية معقدة تتعلق خاصة بالدورانية القطبية في القطب الجنوبي التي كانت أضعف من المعتاد مما عكس على اضطراب حركة الرياح التجارية التي تغذي المناطق الاستوائية للمحيط الهادئ بالمياه الباردة، إنها نظام ديناميكي يتعلق بصعود سريع للمياه الباردة عبر سواحل البيرو بسبب تأثيرات قوة كوريوليس الناتجة من دورانية الكرة الأرضية حول نفسها.

ما زال الخمول يسيطر بشكل رئيسي على المنطقة الاستوائية للمحيط الهادئ، درجات الحرارة تبقى حول المعدل الموسمي، والتبريد ما زال يعاني كلما ظهر لأسباب تتعلق باضطراب حركة الرياح التجارية.


مع اضطراب حركة الرياح التجارية، وتكدس الموجات الحارة البحرية في غالبة المسطحات المائية، تسبب ذلك بفشل ظاهرة اللانينيا قبل أن تتشكل خلال الموسم السابق مما أدخل المحيط الهادئ الاستوائي بمرحلة من الخمول والتعادل.

هل البيانات الصادرة من النماذج الأمريكية CFS كانت دقيقة حول هذه الظاهرة؟
واعتماد البيانات الأمريكية لتوقعات بعيدة المدى حول ظواهر ال ENSO أدى إلى خلل كبير في التوقعات طويلة المدى لكثير من المراكز حول العالم، والذي كان يتوقع ظاهرة "متطرفة" من اللانينيا خلال الموسم السابق، وكانت بيانات النموذج الأوروبي ECMWF وبيانات المركز الاسترالي BOM الأعلى دقة والتي نجحت في توقع خمول المحيط الهادئ الاستوائي خلال الموسم السابق.

توقعات CFS السابقة التي كانت بدقة منخفضة في المنطقة الاستوائية للمحيط الهادئ، علما أن أقل قيمة وصلت حول 0.6- خلال شهر يناير 2025


انخفاض معدلات الأمطار في بعض المناطق يرتبط باللانينيا؟
ومع توضيح النقطة الرئيسية في عدم وجود ظاهرة مناخية مسيطرة على المحيط الهادئ الاستوائي خلال الموسم السابق، فلا علاقة بظواهر ال ENSO بشكل مباشر في معدلات الأمطار، ومن أكبر الأخطاء العلمية المنتشرة هي ربط هذه الظاهرة ( التي لم تحدث) بانخفاض معدلات الأمطار في بعض مناطق بلاد الشام وجنوب شرق الجزيرة العربية خلال موسم 2024-2025.

ما المتوقع خلال الموسم المقبل؟
إن التوقعات تشير إلى استمرار خمول المحيط الهادئ الاستوائي للموسم الثاني على التوالي، ولكن مهلا.. هناك تغيرات كبيرة متوقعة خلال النصف الثاني من الموسم المقبل باحتمالية جيدة بتطور ظاهرة النينيو المودوكي الضعيفة، أو على الاقل احترار جزء كبير من النطاق الاستوائي من المحيط الهادئ مما سيعكس دورانية شديدة للغلاف الجوي وظروف جوية متطرفة حول العالم.

القيم الأخيرة من محطات TAO في المحيط الهادئ الاستوائي، تشير لقيم متعادلة بشكل تام لكن مع ظهور بؤر ساخنة بشكل واضح في المناطق الشرقية وقرب المنطقة 3.4 مع الأخذ بعين الاتعتبار اضطراب حركة الرياح التجارية، هل لسخونة المياه شبه السطحية وموجات الحر البحرية سبب في ذلك؟


التأثيرات على الغلاف الجوي
مرحلة التعادل والخمول للمنطقة الاستوائية للمحيط الهادئ تعني ببساطة عدم تأثير هذه الظواهر بشكل رئيسي على دورانية الغلاف الجوي، ولكن هناك ظواهر أكثر أهمية قمنا بإصدار دراسة كبيرة حول تأثيره وهي تذبذب المحيط الهادئ الشمالي الحراري " PDO" والتي قد تؤدي لاضطرابات في دورانية الغلاف الجوي.

إن استمرار مرحلة التعادل تعني ببساطة دورانية أكثر استقرار في خلية "هادلي" في منطقة المحيط الهادئ، ولكن نظرا لتفاوتات حرارية كبيرة تحدث في منطقة المحيط الأطلسي الاستوائي سيؤدي ذلك بوضوح باضطرابات هامة في حركة التيارات النفاثة شبه الاستوائية خاصة في شرق الأطلسي وغرب المتوسط.

الغلاف الجوي في المنطقة خلال الموسم السابق ويظهر مرتفعا جويا قويا على معظم المنطقة بسبب قوة التيار النفاث القطبي وضعف كبير على التيار النفاث شبه الاستوائي في منطقة البحر المتوسط، إن هذه النتائج تم تعزيزها من سخونة شمال الأطلسي والهادئ المؤديان لعواصف شبه قطبية شديدة تؤدي لدورانية قطبية متطرفة، الغلاف الجوي لا يعكس دورانية اللانينيا


التأثير الحاد على التيار النفاث القطبي سيستمر الموسم المقبل لكن بشكل مغاير عن السنوات السابقة، إن برودة المنطقة الاستوائية للمحيط الأطلسي وتراجع سلبية معامل ال PDO في منطقة المحيط الهادئ الشمالي ستسبب تموجات كبيرة وحادة بالتيار النفاث القطبي مؤديا لموجات برد عالمية تتمركز نحو جنوب وغرب الولايات المتحدة وكذلك منطقة شمال ووسط الأطلسي وأخيرا منطقة شرق وجنوب شرق أوروبا وتركيا وحوض شرق ووسط المتوسط والجزيرة العربية وكذلك مناطق شرق آسيا ووسطها أحيانا.

لذلك الغلاف الجوي نظام معقد جدا، ويتأثر بعوامل مناخية كثيرة ومتداخلة، وربط دورانية الغلاف الجوي بظواهر اللانينيا والنينيو أو عدم تعريفها بشكل صحيح يؤدي إلى نتائج غير دقيقة بالعادة، أو صعوبة التنبؤ بدورانية الغلاف الجوي العامة.

مع الأخذ بعين الاعتبار ظاهرة لايننيا تقليدية بقيم تقل عن 0.8- طوال الموسم لمنطقة 3.4، سنلاحظ دورانية تعكس عواصف قوية على وسط أوروبا وغرب المتوسط واستقرارا أكثر نحو شرق المتوسط والعراق ( أو عدد حالات جوية أقل) ليست بالضرورة تعكس موسما جافا في منطقة الشرق الأوسط أو موسما مطيرا في منطقة المغرب العربي.