وسم- رصد مركز وسم الإقليمي تذبذب حاد في قيم الضغط الجوي السطحي في منطقة القطب الشمالي خلال الأسبوعين الأخيرين مما نتج عنها حالات جوية عالية التطرف في مختلف مناطق العالم، ونشاط قطبي عالي ومتأخر حول مختلف مناطق العالم في الجزء الشمالي من الغلاف الجوي، ويطلق على هذا التذبذب Arctic Osculation Variations.

ويراقب معظم علماء المناخ والطقس حول العالم هذا التذبذب غير الاعتيادي والمستمر منذ أسبوعين، حيث تعود أسبابه للكثير من العوامل المناخية مجتمعة وقد لا يكون سببه التغير المناخي وإنما دورات مناخية متكررة.

تذبذب حاد في قيم الضغط الجوي في منطقة القطب الشمالي تسبب في حالات جوية قوية متطرفة حول العالم والذي يتوقع أن يشتد بشكل قليل الحدوث الأسابيع المقبلة.


الأسباب العلمية حول تذبذب قيم الضغط الجوي فوق القطب الشمالي|
ويعود سبب ذلك إلى الكثير من العوامل المناخية، وأهمها ارتفاع حرارة مياه شمال المحيط الأطلسي وهي ظاهرة مناخية متكررة على شكل دورات مناخية طويلة ومنظمة منذ ملايين السنوات وهي مثبتة عبر الأحافير الجليدية في منطقة القطب الشمالي.

والسبب الأهم هو انهيار ظاهرة اللانينيا بشكل سريع ومفاجئ وبداية حالة من النينيو بشكل مباشر، وظواهر ال ENSO  تعتبر من أكثر الأسباب في حدوث تغيرات قوية في تذبذب الضغط في القطب الشمالي بطريقة غير مباشرة عبر تغير نظام التيار النفاث.

تطور مفاجئ لظاهرة النينيو (ارتفاع حرارة المنطقة الاستوائية للمحيط الهادئ بشكل طارئ وغير متوقع)


ويتابع المجتمع العلمي ظاهرة احترار طبقة الستراتوسفير المفاجئة والمتأخرة والتي تعتبر أيضا نادرة الحدوث في هذا الوقت، وتساعد هذه الظاهرة في تذبذب قوي وسريع في الضغط الجوي في منطقة القطب الشمالي، مما يدفع الهواء القطبي بعيدا عن القطب الشمالي نحو مختلف مناطق العالم في شمال الكرة الأرضية.

ومع بداية نشاط المنخفضات الجوية الخماسينية وذلك بسبب بداية فصل الصيف في المناطق شبه الاستوائية حول الساحل الافريقي وشبه الجزيرة العربية، يسبب ذلك حالات قوية من عدم الاستقرار الجوي "الباروكلينيكية" ونشوء منخفضات جوية عميقة جدا فوق منطقة شرق البحر المتوسط وذلك بسبب تواجد الهواء القطبي شديد البرودة في جنوب القارة الأوروبية والهواء شديد الحرارة في المناطق شبه الاستوائية، ويعتبر هذا الاقتران قليل الحدوث مع توقع اشتداده مع بداية الشهر الفضيل.

نتيجة ذلك على الظروف الجوية|
ويسبب ذلك تمدد الهواء القطبي بشكل متأخر فوق القارة الأوروبية وخاصة شرقها وجنوب شرقها، ونشاط عالي للعواصف الخماسينية التي ستتزامن مع تواجد الكتل الهوائية القطبية شديدة البرودة، ويسبب ذلك استمرار الحالات الجوية الممطرة بغزارة حتى وقت متأخر من الموسم، وارتفاع درجات الحرارة بشكل مفاجئ وكبير ثم انخفاضها الحاد جدا خلال ساعات قليلة.

ويتوقع أن يسبب ذلك استمرار تساقط الأمطار الغزيرة حتى نهاية فصل الربيع في مختلف مناطق الشرق الأوسط والجزيرة العربية والأردن، وارتفاع معدل العواصف القوية في المنطقة، ولا يستبعد حدوث حالات ثلجية متأخرة ولو كانت محدودة.

ويسبب ذلك فرص عالية للفيضانات والسيول القوية والمفاجئة، والانتباه من مصادر التنبؤات غير الدقيقة ووسائل الإعلام والتي تسيء فهم التغيرات المناخية.

وارتفعت معدلات الأمطار في السنوات الأخيرة في الأردن ودول الشرق الأوسط بحدود 50% عن معدلاتها الاعتيادية الموسمية تزامنا مع ازدياد حدة موجات الجفاف في غرب ووسط القارة الأوروبية وجنوبها ودول شمال أفريقيا.

لماذا أعلنت الكثير من الوسائل الإعلامية نهاية الموسم المطري؟ وما علاقة ذلك ببرد المستقرضات؟
ومع انتشار شائعة نهاية الموسم المطري عبر مختلف الوسائل الاعلامية المحلية الأردنية وذلك بسبب ارتفاع درجات الحرارة في نهاية فبراير وبداية مارس لفترة قصيرة ظنا منها أن ذلك مؤشرا لنهاية الموسم المطري، ويعود ذلك لقلة الخبرة والانخداع بالظروف الجوية، ومثل هذه الظروف كانت تحدث كثيرا في السنوات السابقة إلا أنها كانت عالية التطرف هذا الموسم وهذا نتيجة الأسباب العلمية المذكورة أعلاه، وكثيرا ما كانت تخدع المجتمعات سابقا وهذا سبب كثرة الأمثال الشعبية حولها.

وبرد المستقرضات أو برد العجوز هي الفترة التي تلي ارتفاع مفاجئ وطارئ على الحرارة خلال نهاية فصل الشتاء، والتي تأتي بشكل مفاجئ وتسبب أضرار بليغة خاصة في القطاع الزراعي، وبالعادة تسبب موجة فيضانات قوية أو موجات برد شديدة متأخرة متتابعة وربما حتى تساقط الثلوج الكثيفة بشكل قليل الحدوث، ولذلك أصدر وسم نشرته الموسمية حول توقع عودة قوية للحالات الجوية خلال شهر آذار- مارس- عبر استخدام نموذجه المناخي المطوّر والذي انفرد لوحده في توقع هذه الحالات الجوية القوية.

بالرغم من خطأ النموذج المناخي الخاص بمركز وسم في التحديد الدقيق للفترة عالية النشاط وذلك بسبب عوامل مناخية متداخلة، إلا انه نجح في التبنؤ بعودة الفعاليات الجوية القوية نحو المملكة، وحدثت أخطاء متطابقة في معظم النماذج المناخية حول العالم وسيقوم وسم بتطوير كبير لهذا النموذج وتوفير بياناته بشكل مجاني للمجتمع.