وسم- تأثر الغلاف الجوي بظاهرة النينيو المناخية خلال موسم 2023-2024 والتي كانت ظاهرة نينيو نادرة، وتسببت هذه الظاهرة بتأثير شديد على دورانية الغلاف الجوي، وكانت ظاهرة "تسخين النينيو أو Elnino Warming" هي أحد أهم هذه الظواهر والتي عززتها أيضا عوامل مناخية لم تتزامن معها خلال ظواهر النينيو السابقة.
ظاهرة النينيو المناخية..
هي ارتفاع درجة حرارة المسطح المائي للمنطقة الاستوائية للمحيط الهادئ وبين 5 درجات شمالا وجنوبا، وتسبب هذه الظاهرة تأثيرا مباشرا وقويا على الدورانية الاستوائية وشبه الاستوائية في منطقة المحيط الهادئ، مما يشير إلى تأثيرها بشكل شديد على دروانية الغلاف الجوي وخاصة في العروض الوسطى وشبه الاستوائية، إلا أن تأثيرها على الدورانية القطبية يعتمد على تزامنها مع العوامل المناخية الأخرى.
نينيو 2023-2024..
وتأثر الغلاف الجوي بظاهرة النينيو في الموسم السابق 2023-2024 والتي تميزت انها ظاهرة متوسطة إلى قوية الشدة والتي وصلت ذروتها في نهاية الخريف وبداية فصل الشتاء، تزامنت هذه الظاهرة مع ارتفاع كبير ونادر الحدوث لدرجات الحرارة في منطقة شمال المحيط الهادئ وعلى عكس المعتاد في ظواهر النينيو المناخية التي تتزامن بالعادة مع انخفاض في حرارة شمال المحيط الهادئ بسبب تأثيرها على الدورانية العامة للغلاف الجوي في منطقة المحيط الهادئ.
ان ارتفاع الحرارة الشديد في منطقة شمال المحيط الهادئ ما زال غير معروف تماما، حيث لم نشاهد أرقام سابقة تزامنت مع ظاهرة النينيو المناخية، تسبب ذلك في دعم وتعزيز شديد لظاهرة "تسخين النينيو " في الغلاف الجوي.
نينيو 2023-2024 كانت ظاهرة مناخية نادرة..
وتعتبر ظاهرة النينيو في موسم 2024 من أندار ظواهر النينيو المناخية في السجلات المناخية والتي تزامنت مع ظروف جوية غير اعتيادية وغير قياسية تماما بالنسبة لظاهرة النينيو، وربما تصنف ظاهرة النينيو لموسم 2024 بغير المسبوقة بسبب اقترانها مع عوامل مناخية مختلفة تماما مقارنة مع ظواهر النينيو الأخرى.
تسببت سلبية منطقة PDO في شمال المحيط الهادئ وهي تعني ارتفاع حرارة منطقة شمال المحيط الهادئ بشكل حاد نسبة لسواحل أمريكا الشمالية الغربية إلى نتائج مختلفة وخاصة من ناحية تسخين الغلاف الجوي إلى أرقام غير مسبوقة في السجلات المناخية الحديثة.
تزامن ظاهرة النينيو القوية مع حرارة المحيط الهادئ المرتفعة تسبب في خلل كبير في مسار التيار النفاث القطبي الذي يفترض أن يكون أضعف من ذلك في العديد من مناطق العالم، إلا ان ذلك تسبب في عزل الدورانية القطبية تماما في كثير من الفترات عن الدورانية في العروض الوسطى وشبه الاستوائية والاستوائية مما نتج عنه خلل كبير في عملية التوازن الحراري التي تتم بين المناطق الاستوائية و شبه الاستوائية من جهة والمناطق شبه القطبية والقطبية من جهة أخرى عبر دورانية العروض الوسطى التي تساهم فيها المنخفضات الباروكلينيكية بأنواعها.
إن نشاط ظاهرة النينيو المناخية يزيد من عملية التسخين الديناميكي في العروض شبه الاستوائية والوسطى في منطقة المحيط الهادئ نتيجة النشاط الاستوائي الشديد على طول منطقة ITCZ في المنطقة الاستوائية للهادئ، يسبب ذلك وعبر المزيد من الطاقة الحرارية المنطلقة من عملية التكثف إلى تسخين شديد على مدار العروض شبه الاستوائية عبر دورانية خلية هادلي التي تحتاج عادة إلى 3 أسابيع.
وبسبب تزامن ظاهرة النينيو مع ارتفاع حرارة شمال المحيط الهادئ بشكل حاد جدا وغير طبيعي والذي يفترض أن يكون أكثر برودة، نتج عنه اشتداد الدورانية القطبية في منطقة شمال شرق الهادئ ووسط وغرب الولايات المتحدة في كثير من المناسبات، تسبب ذلك ومع إضافة تأثير سخونة شمال المحيط الأطلسي أيضا إلى اشتداد التيار النفاث القطبي وعزل الدورانية القطبية عن العروض الوسطى وشبه الاستوائية، تسبب ذلك في خلل كبير في عملية التوازن الحراري للغلاف الجوي وحصر العواصف شبه القطبية نحو الشمال أكثر من المعتاد، مما غلب طابع الأنظمة الجوية الممطرة بغزارة والدافئة على العديد من مناطق العروض الوسطى وغياب أو تأخر العواصف الثلجية.
بينما شهدت مناطق شمال أوروبا ومناطق من العروض شبه القطبية عواصف ثلجية نادرة وغير مسبوقة في السجلات المناخية الحديثة، إن حصر الهواء القطبي بشدة واشتداد دورانيته بشكل متواصل في تلك المناطق تسبب في هذه الظروف الجوية النادرة، وخللا في التوازن الحراري المعتاد.
انهيار ظاهرة النينيو..
انهارت ظاهرة النينيو بشكل متسارع مع نهاية الربيع، وبالرغم من التوقعات أن تتحول للظاهرة المعاكسة إلا أنها لم تنجح، ويتوقع أن تستمر ظاهرة من الحياد وهذا يعني تراجع كبير على النشاط الاستوائي في المنطقة الاستوائية للمحيط الهادئ، وبالعادة يسبب ذلك تبريد بطيء للغلاف الجوي بسبب نشاط التيار النفاث القطبي، إلا أن التوقعات تشير إلى أمور مختلفة ومع معالجة البيانات في الموذج المناخي لوسم، حيث سيكون التبريد سريعا في منطقة العروض الوسطى وعملية التبادل الحراري بين الاقطاب والعروض شبه الاستوائية ستكون في أوجها، مما يشير بوضوح إلى فرص عالية جدا لحدوث العواصف القوية في العروض الوسطى وشبه الاستوائية في مختلف مناطق العالم خاصة خلال الخريف.
ما يلفت الاهتمام هو تحول في حرارة منطقة شمال المحيط الهادئ والتي بدأت تنخفض بشكل متسارع وهو عكس ما يحصل عند انهيار ظواهر النينيو مما يجعل هذه الظاهرة نادرة جدا حتى أثناء انحسارها وتلاشيها.
ومع بداية ظاهرة "لانينيا الأطلسي"وهي برودة المياه الاستوائية وشبه الاستوائية في المنطقة الأطلسية، والتي تسبب ضعف كبير أيضا في التيار النفاث شبه الاستوائي قرب غرب أوروبا، والتي لم تظهر بوضوح خلال العام السابق، إن هذه النتائج ستعكس ضعفا كبيرا في التيار النفاث القطبي مما يجلعه متموجا بشدة وخاصة فوق مناطق شرق القارة الأوروبية وغرب سيبيريا من جهة وفوق شمال المحيط الأطلسي من جهة أخرى مما يجعل القارة الأوروبية عرضة لمرتفعات جوية قوية وعنيدة قد تستمر لأسابيع طويلة، وهي بدأت تظهر على شكل موجات حارة شديدة ونادرة الحدوث خلال الأسابيع السابقة.
إن انخفاض الحرارة المتوقع على مناطق واسعة من الجزيرة العربية وشرق البحر المتوسط ودول الشام خلال الأسابيع القليلة المقبلة هو نتيجة هذه الظروف الجوية الغريبة.
الطاقة الحرارية الكبيرة والناشئة من ظاهرة النينيو المناخية السابقة والنادرة، ونتيجة لضعف التيار النفاث القطبي سيزيد من قوة القوالب الجوية الدافئة أو العمودية خلال الأشهر المقبلة مما يرفع من احتمالية عالية هذه المرة لحصول موجات برد شديدة في العروض الوسطى وشبه الاستوائية بشكل حاد وربما غير مسبوق في بعض المناطق.
فهل كانت ظاهرة الاحتباس الحراري هو التفسير الوحيد لارتفاع الحرارة لأرقام قياسية خلال الفترة السابقة؟ أم الظواهر المناخية الرئيسية والناتجة من دورانية الغلاف الجوي الطبيعية إضافة للأسباب الجيولوجية لها دور أكبر بكثير في تفاوت وارتفاع درجات الحرارة والتي تعطي التفسير الوحيد لدرجات الحرارة العالية التي تأثرت بها الأرض في الكثير من الفترات خلال ملايين السنوات السابقة؟