وسم- يمتلك مركز وسم الإقليمي النموذج المناخي الوحيد من نوعه في المنطقة العربية والذي يعمل بطريقة المعايرة الإحصائية المرنة، ومع بعض التطويرات التي أدخلت عليه خلال فصل الصيف، حقق نتائج فائقة الدقة في الإقليم وأوروبا واستطاع رصد تفاصيل جوية عالية الدقة فاقت حتى النماذج المناخية العالمية المعتمدة.
ومع تشغيل النموذج بشكل تجريبي يوم 9-9-2024 ، تم توقع ظروف جوية غير اعتيادية متوقعة في منطقة البحرالمتوسط خلال الموسم المطري المقبل وكذلك مناطق غرب وشمال السعودية ولاحقا العراق والكويت وشمال منطقة الخليج العربي، وسيصدر وسم التفاصيل الدقيقة مع النشرة الموسمية لموسم 2024-2025.
إقليم البحر المتوسط سيكون مضطربا بشدة..
ومع البيانات الأولية التي أشارت إلى أن العواصف القوية غير المعتادة ستبدأ في وسط المتوسط في منتصف شهر سبتمبر، فحصل ذلك فعلا على أرض الواقع، ويتوقع مركز وسم الإقليمي أن تستمر هذه العواصف بشكل متتابع خاصة في إٌقليم وسط البحر المتوسط وأجزاء من شرقه خلال بداية الموسم المطري، وخاصة مع بداية فصل الخريف وحتى قبل منتصفه، ومع تغير محور المرتفع الجوي الأوروبي قليلا مع نهاية الخريف وتركزه بشكل أكبر نحو وسط وغرب أوروبا، يتوقع أن تتركز الحالات الجوية بشكل أكبر في إقليم شرق البحر المتوسط لاحقا مع استمراريتها على إقليم البحر المتوسط كاملا.
البحر المتوسط يسجل درجات حرارة عالية غير مسبوقة..
إن الظروف الجوية غير المعتادة ستتزامن مع حرارة عالية في منطقة البحر المتوسط، حيث تم رصد نظام جوي استوائي نادر الحدوث إلى الجنوب من إيطاليا في 8-سبتمبر- وتسبب في كميات أمطار هائلة في إقليم وسط المتوسط وأضرار كبيرة في تلك المناطق، وذلك نتيجة سخونة البحر المتوسط التي تزيد من طاقة العواصف المتشكلة وزيادة تأثيرها.
حرارة البحر المتوسط العالية لا تؤثر فقط على الإٌقليم، بل يطال تأثيرها حتى مناطق غرب الجزيرة العربية بشكل كبير، ووجد عبر دراسة هامة أصدرها مركز وسم الإقليمي، أن زيادة حرارة البحر المتوسط تسبب اشتداد على الحالات الممطرة في غرب السعودية وسواحل البحر الأحمر ومنطقة مكة المكرمة خلال المواسم المطرية بسبب رفع احتمالية النشاط الجبهي القوي.
دورانية غير اعتيادية للغلاف الجوي..
ونتيجة لعدة عوامل مناخية متذبذبة بشدة وبشكل غير معتاد، وحرارة مرتفعة في المسطحات المائية، تسبب ذلك في سلوك غير اعتيادي للتيارات النفاثة في الغلاف الجوي، مما سيعرض القارة الأوروبية لفترات جافة طويلة وغير معتادة، تفصلها أحيانا بعض الفترات النشطة والباردة لفترة قصيرة، سينتج عن ذلك اندفاع الكتل الهوائية الباردة وربما القطبية أحيانا نحو البحر المتوسط وخاصة مناطق وسط وشرق البحر المتوسط.
إن ضعف التيار النفاث شبه الاستوائي فوق البحر المتوسط تسبب في استمرارية تدفق الكتل الهوائية الأكثر اعتدالا نحو المنطقة خلال الأسابيع الأخيرة، وتزامن ذلك مع نشاط الموجات الاستوائية الشرقية بشكل نادر الحدوث، ونتج عن ذلك معدلات أمطار كبيرة في غرب الجزيرة العربية ومنطقة الصحراء الكبرى، ونتيجة لتعاظم الكتل الهوائية القطبية مع بداية الخريف مناخيا، يسبب ذلك سهولة وصول الهواء البارد نحو البحر المتوسط والتسبب في تشكل العواصف القوية في البحر المتوسط.
إن الدورانية غير الاعتيادية للغلاف الجوي تطال معظم مناطق العالم، عبر تشكل عواصف قوية هذه المرة في العروض الوسطى المتدنية، وموجات جفاف وحرارة في بعض مناطق العروض الوسطى العليا، ويعود سبب ذلك إلى تراجع شدة التيار النفاث القطبي وتموجه بشدة مما يزيد من عملية التبادل الحراري في الغلاف الجوي ورفع احتمالية تشكل العواصف القوية.
رصد اشتداد التيار النفاث القطبي فوق غرب ووسط أوروبا سيعرض مناطق كثيرة من البحر المتوسط لعواصف قوية خلال الموسم المطري المقبل، ومع توقع تغير محور هذا التيار إلى الشرق من الأطلسي، سيزيد من سهولة وصول الهواء القطبي شديد البرودة خلال الشتاء نحو إقليم البحر المتوسط كاملا وخاصة الجزء الشرقي منه.
ظاهرة اللانينيا ما زالت تفشل في التطور..
إن فشل تطور ظاهرة اللانينيا وعلى عكس التوقعات الأولية من بدايات الصيف، والتي وافقت الدراسات التي أصدرها مركز وسم الإقليمي خلال الصيف، يزيد من تعقيد التوقعات الموسمية، ولكن ما زالت توافق بيانات النموذج المناخي لوسم الذي يعمل بطريقة مختلفة تماما، هذا الفشل في التطور يعود لأسباب كثيرة تم شرحها في هذا التقرير، ويسبب تذبذب هذا المعامل إلى تغيرات كبيرة على التيار النفاث شبه الاستوائي ودورانية غريبة للغلاف الجوي خلال الفترة المقبلة، وربما اشتداد عملية التبادل الحراري وشدة دورانية الغلاف الجوي خلال الفترة المقبلة عبر تطور تموجات حادة يطلق عليها "تموجات روسبي" وبسبب الحرارة العالية الشديدة في العروض الوسطى وشبه الاستوائية والتي تكدست بسبب الدورانية القطبية الشديدة للغلاف الجوي خلال الموسم السابق، فسيؤدي ذلك إلى اشتداد العملية الدورانية وشدة عواصف العروض الوسطى ومن ضمنها إقليم البحر المتوسط.
تبريد المنطقة الاستوائية للأطلسي نسبة إلى شماله..
وكان مركز وسم الإقليمي الجهة الأولى التي نبهت إلى هذه النقطة وأصدر دراسة مفصلة عنها خلال الصيف وأن تأثيرها سيسبب تغيرات كبيرة في التيار النفاث شبه الاستوائي فوق منطقة شرق الأطلسي والبحر المتوسط، ويتوقع استمرار هذه الظاهرة حتى فصل الربيع 2025، مؤدية لاحتمالية عالية بتكرار عواصف البحر المتوسط خلال الموسم المطري المقبل، وطول الفترات الجافة على القارة الأوروبية.
ضعف التيار النفاث شبه الاستوائي، يزيد من سهولة تدفق الكتل الهوائية الباردة نحو البحر المتوسط خلال الموسم المقبل، وسيتزامن ذلك مع تموج التيار النفاث القطبي أحيانا وخاصة على شرق أوروبا خلال الموسم المطري المقبل، ومع إضافة عامل التسخين العالي لمنطقة البحر المتوسط، فهذا يسهل كثيرا من تطور عدة عواصف قوية في إقليم البحر المتوسط.
نفق رطوبي عالي إلى الغرب من السعودية..
ومع توقع ارتفاع الضغط الجوي فوق جنوب غرب آسيا وامتداده من المناطق السيبيرية بسبب محور انحناء التيار النفاث القطبي، وتعاظم عواصف البحر المتوسط، سينتج عن ذلك نفقا رطوبيا عاليا وشديدا إلى الغرب من السعودية وغرب وسطها ووصولا إلى شمال وحتى الأردن وبلاد الشام ومصر خلال منتصف ونهاية الخريف، معرضا هذه المناطق لكميات كبيرة من الأمطار وربما تكون غير مسبوقة في السجلات المناخية الحديثة.
نشاط المنخفضات المتوسطية أو المصرية في شرق البحر المتوسط يزيد من فرصة تعرض مناطق غرب السعودية ومكة المكرمة وجدة لحالات جوية شديدة خلال شهري نوفمبر وديسمبر، خاصة مع توقع انتقال محور منخفض البحر الأحمر أكثر نحو وسط وشمال البحر الأحمر ووصولا إلى جنوب شرق البحر المتوسط.
موجة الجفاف الطويلة ستنكسر في بعض مناطق المغرب العربي..
شدة عواصف البحر المتوسط ستكسر موجات الجفاف الطويلة المؤثرة على المغرب العربي منذ سنوات طويلة، وخاصة تونس وشرق الجزائر وغرب ليبيا، وبالتحديد خلال بدايات ومنتصف فصل الخريف.
وسيصدر مركز وسم الإقليمي النشرة الموسمية قريبا وعبر خرائط موضحة ومفصلة لأنظمة الضغط الجوي ومعدلات الأمطار والحرارة في مختلف إقليم الوطن العربي وأوروبا وشمال الأطلسي، مع نشرة موسمية مبسطة في أمريكا الشمالية وذلك عبر بيانات النموذج المناخي لوسم.